العمل في غير التخصص.. اختراع مصري لمواجهة البطالة!
بالأمس القريب أعلن الدكتور "أحمد درويش " وزير الدولة للتنمية الإدارية عدم وجود بطالة في مصر مشيراً إلى أن هناك الكثير من إعلانات الوظائف التي لا تجد من يشغلها أو يتقدم إليها. يأتي ذلك فيما كشف مسح قام به الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء -ضم قطاعات عمل مختلفة لمعرفة احتياجات سوق العمل لرفعها لوزارة العمل التي بناء عليه ستطلب مؤهلات تتناسب مع احتياجات السوق- أن أكثر من 50 % من الشباب العاملين -أغلبهم من الذكور- لا يعملون في مجالات تخصصهم وهناك مهن في حاجة لتخصصات معينة شاغرة ومطلوبة بشدة.. وهو ما كشفت عنه جولة لـ"بص وطل" بين عدد من الخرّيجين..
"باهر الكيلاني" خريج حقوق القاهرة قال إنه التحق بكلية الحقوق بسبب ضعف مجموعه في الثانوية العامة وأضاف أنه بحث كثيرا عن عمل في مكاتب للمحاماة دون جدوى، فاضطر بعد رحلة طويلة من البحث وسنوات من البطالة للعمل في محل كشري في وسط البلد ويحصل على أجر أسبوعي 300 جنيه ومعظم زملائه في المحل متعلمين.
"رضوى حسن" مديرة القسم الحريمي بأحد محلات الملابس الكبرى قالت إنها تخرجت من كلية دار العلوم منذ 11 عاما وهي تعمل بهذا المحل منذ تسع سنوات وتحصل على مرتب شهري كبير بخلاف الزيادة في المواسم والأعياد وأشارت أنها بفضل عملها هذا استطاعت تجهيز نفسها وأخواتها البنات ورغم عملها في غير تخصصها فإنها تؤكد ضرورة التعليم فهو أكسبها احترام الجميع فهي عاملة متعلمة وهذا أفضل بكثير من عاملة جاهلة أو متعلمة عاطلة عن العمل، وأشارت إلى أنها كانت تعمل مدرّسة بإحدى المدارس بمرتب 120 جنيه يفترض أن يكفيها مواصلات وملابس وعلاج، ولكنها بعد أول عشرة أيام طلبت سلفة ولم تستطع أن تكمل في العمل الحكومي.
"سمير محمد سمير" مهندس زراعي قال إنه اضطر للالتحاق بكلية الزراعة؛ لأن والده يريده أن يكون مهندسا ويصف سنوات دراسته بأنها كانت ثقيلة وكانت تقديراته النهائية مقبول بالعافية، وهو الآن يحمل لقب مهندس "سمير"، ولكن يعمل مدير مخازن بأحد المصانع بالعاشر من رمضان بمرتب مغرٍ.
"أمير صابر" هندسة بترول قال: عندما يسمع أحد تخصصي يعتقد أنني أعمل في كبرى شركات البترول بمرتب خيالي والحقيقة أنني قدّمت أوراقي وما زلت أنتظر ولا أستطيع نفسياً العمل في مهنة أخرى.
"سعد إبراهيم" آداب قسم تاريخ قال: من المفترض أن تكون الجهات التي أعمل بها في شركات السياحة، أو وزارة الثقافة، وقد قدمت أوراقي بها جميعاً وما زلت أنتظر، وأضاف: لي زملاء كثيرون يعملون في مهن أخرى مثل توصيل الطلبات للمنازل ويحصلون على مرتبات كبيرة وقد فكرت في ذلك وعندما تقدمت للعمل بها أصبت بحالة انهيار عصبي عندما تذكرت المجهود الذي بذلته حتى أحصل على الشهادة ويكون مصيري توصيل الطلبات للمنازل.
"دينا صلاح" فنون تطبيقية قسم ديكور قالت إنها لا تقبل سوى بالعمل في تخصصها؛ فليس من المعقول "بعد تعب السنين ده كله في المذاكرة وبعد أن أصبحت مهندسة" لا تتوفر لي سوى وظيفة مدرّسة في حضانة، وقد رفضتها، وفضّلت الجلوس في المنزل في انتظار الزواج ويجب أن يكون الزوج متعلما كذلك.
دكتورة "ماجي الحلواني" عميد كلية الإعلام سابقا أشارت إلى أن ما كشف عنه هذا المسح هو نتيجة أن منظومة التعليم بشكل عام لا تتوافق مع متطلبات سوق العمل حيث تبدو المراحل والأنواع التعليمية المختلفة أشبه ما تكون بمفرخة للعاطلين عن العمل فذهب الكثير من حملة الشهادات والمؤهلات إلى مزاولة أعمال لا صلة لها بشهاداتهم ومؤهلاتهم وتخصصاتهم أبدا؛ لأنه لا توجد بها وظائف شاغرة وهو أمر ليس المسئول عنه الشباب الذي يعاني من البطالة ويتوقُ لأي فرصة عمل حتى وإن كانت في غير تخصصه، ولكنها تضمن له دخلاً يستطيع من خلاله توفير الحد الأدنى من متطلباته.
أما دكتورة "عزة كريم" الخبيرة بالمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية فقالت: إن المشكلة ليست في نتائج الدراسة فحسب، وإنما في أن الأسر أصبحت تنظر للتعليم على أنه وجاهة اجتماعية وليس هدفا واضحا يستفيد ويفيد فالمتعلم حتى ولو كان عاطلا أفضل من الأميّ الثري، وتستخدم كلمة جاهل أو أمي كسباب في دلالة على انحطاط المستوى رغم أن كثيرا ممن لم تتوفر لهم فرصة التعليم يعملون وعلى درجة عالية من الأخلاق ومؤخرا زادت نسبة الحوادث التي يرتكبها متعلمون.
وأنت..
هل توافق على العمل في مهنة بغير تخصصك؟
أم ترفض ذلك بشكل قاطع؟!
الأحد نوفمبر 02, 2008 3:38 am
