جدل ديني حول فتوى ضرب الزوجات لرجالهن..

جدل ديني حول فتوى ضرب الزوجات لرجالهن..
وعلماء النفس يحذرون من الانتقام داخل الأسرة!




جدل شديد أثارته الفتوى التي خرجت من أحد رجال الدين في السعودية يجيز فيها ضرب الزوجات لأزواجهن في حالة إذا ما تعرضوا لهن بالأذى. الجدل لم يقف عند حدود أن الفتوى التي ظاهريا تنتصر للمرأة خرجت من السعودية التي تعاني فيها المرأة من قيود متعددة، وإنما لأن الفتوى وجدت من يؤيدها من رموز دينية كبيرة في أكثر من دولة إسلامية وعلى رأسها مصر وتركيا.

وكان الشيخ السعودي "عبد المحسن العبيكان" قد أصدر فتوى أعطى فيها المرأة الحق باستخدام "نفس وسيلة العنف الذي يمكن أن تتعرض له من الزوج، لردّ الضرر عنها".

وقال أن المرأة كغيرها بالنسبة لـ"حق دفع الصائل"، موضحاً أن "الصائل" شرعاً هو "من وثب على الغير". وشرح أن "دفع الصائل" له مراتب، "أقله الكلام، والصراخ، والاستنجاد بالجيران أو الاتصال لطلب النجدة، أو بالمعنيين لينقذوها"، مؤكداً أنه "ليس للزوجة رخصة الضرب إذا غلب على ظنها أنها ستنجو".

وتؤيد السعودية فتوى تركية؛ إذ أكد القيادي الإسلامي التركي البارز "فتح الله جولن" الذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، أن للزوجة الحق في ضرب زوجها دفاعاً عن نفسها. وذهب لاعتبار أنه: لو لم تدافع المرأة عن نفسها وترد ضرب زوجها لها بالضرب، فإن هذه جريمة أخرى. وعلى من يضربها زوجها أن تتعلم رياضات الدفاع عن نفسها، كالكاراتيه والجودو والتايكوندو ولو لطمها زوجها لطمة، فيحق لها أن تلطمه لطمتين، فهذا دفاع مشروع عن النفس"، مشيراً إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يضرب زوجة له مطلقاً.

وفي القاهرة، رحب الشيخ "الأطرش" رئيس لجنة الفتوي بالأزهر بالفتويين معتبرا أنه "يجوز للزوجة شرعاً أن تضرب زوجها دفاعاً عن النفس، ولكل إنسان أن يدافع عن نفسه، ولا فرق في ذلك بين رجل وامرأة، أو عظيم وحقير؛ لأن الناس جميعا أمام الله سواء، وإذا تعرض إنسان للضرب فلا يجوز له أن يسكت على ذلك"..

وقد هاجم العديد من رجال وعلماء الدين الفتوى التي أصدرها "الأطرش" فالدكتور "عبد الصبور شاهين" أستاذ الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة علّق على الفتوى قائلا: "دول عاوزين يعملوها مذبحة، ده شغل عيال.. دي بقت فتة مش فتوى"!، وأضاف بأن القرآن الكريم منح للزوج حق معاقبة زوجته بالضرب ليصلح من أمرها فقد قال الله تعالى: {واللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} مشيرا إلى أن الله لم يقل للزوجة: "واضربيه" أو "واضربنهم" فلا مصدر لهذه الفتاوى وهي بذلك مخالفة للشريعة وهي نوع من الارتجال في الفتوى متسائلا عن مكان وجود آية: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} طالما إن مدّ الرجل يده على امرأته ستمدّ هي يدها عليه.

أما الدكتور "مصطفى الشكعة" عضو مجمع البحوث الإسلامية فقال لـ"بص وطل": إن صاحب الفتوى تسرع موضحا أن القرآن منح الزوج أحقية معاقبة زوجته لكن ليس بالكرباج أو بالعصا وإنما كما شرح الرسول لأصحابه معنى الآية أن يكون ضربا معنويا لا جسديا، وأضاف: إن الله قال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أن خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، وهكذا كان كلام الله أن الاثنين زوج واحد وبينهما مودة ورحمة فإذا اعتدى الزوج عليها يكون عاصيا لأمر الله الذي جعل بينهما مودة ورحمة وعليها أن تشكوه إلى ولي الأمر ولا تضربه وإلا ستكون شريكة في تدمير الحياة الزوجية وهنا يكون كلاهما قد عصى الله.

في حين قال الدكتور "عماد حمدي" رئيس قسم الأمراض النفسية والعصبية بكلية طب قصر العيني: إن ضرب الزوج لزوجته في وقت الانفعال يختلف تماما عمن يضرب زوجته في وقت الغضب وهو ثائر، ومن يضرب زوجته مرة واحدة يختلف عن شخص آخر يكرر ضرب زوجته، موضحا أن الزوج حينما يعتاد على السيطرة على زوجته باستخدام الضرب يكون إنسانا ضعيفا وعنده إحساس بالنقص بأن زوجته متفوقة عليه ماديا أو أسريا أو اجتماعيا لذلك يكون الضرب عنده نوعا من السيطرة التي يفتقدها، وكذلك الزوجة التي تحتاج إلى الإيذاء الجسدي لتنضبط وتؤدي واجباتها لا تستحق شرف الزواج فمبدأ الإيذاء الجسدي والضرب مبدأ مرفوض في الزواج فالتقويم يأتي عن طريق الهدوء وألا يكون الزوج في حالة ثورة لأنه في هذه الحالة سيستسهل الأمر ولا يستخدم عقله فيلجأ لاستخدام يديه موضحا أن ضرب الزوج لزوجته يؤدي إلى نوعيات رد فعل سلبي قد تكون أخطر بكثير مما لو كان حلا المشكلة بشكل عقلي وودّي، لافتا إلى حق الزوجة في الدفاع عن نفسها إذا ما كانت تتعرض للإيذاء الجسدي وقال: إن الحالة الطبيعية لزوجة مخطئة وضربها زوجها أنها لن ترد، لكنها لو شعرت أنها معذبة وأن ما تتعرض إليه من ضرب هو مجرد إشباع رغبة للزوج فإنها ستتنقم منه بكل تأكيد.